ŇŏĻŷ نائب المدير
:::عدد المساهمات::: : 7137 :::نقاط::: : 16253 :::سمعة::: : 387 :::تاريخ التسجيل::: : 02/11/2009 العمر : 30
| موضوع: ثعالب وأرانب وفتيات الخميس يوليو 14, 2011 5:18 pm | |
| كان خرير الماء يأتي من جدول صغير جانب الكوخ, ومن آن لآخر يسمع الفتى صوت ارتطام جسم ثقيل بالماء, قبل الفتى غادة الأحلام , وشد عليها الغطاء, وخرج من الكوخ ليستطلع الأمر. كانت غادة الأحلام تحس بأنفاس الفتى حتى وهي في أعمق نوم, وإذا ابتعد عنها تصحو سريعا. وجد الفتى مجموعة من الأرانب البيضاء تلهو في الجدول وتستحم مع بعضها, جلس على صخرة كبيرة يتأمل مزاحهم وأشكالهم, سريعا انقلبت سحنته فقد رأى مجموعة من الثعالب تحوم حول الجدول من بعيد تنصب فخاخها للأرانب, نظر الفتى حوله يبحث عن شيء يدفع به الثعالب بعيدا, وجد بندقية جانب الصخرة , بعدما اندهش لوجودها التقطها وصوب تجاه الثعالب وضغط الزناد, خرجت الطلقات دون صوت, تساقطت الثعالب صرعى , ولو يبق غير واحد, صوب إليه وقبل أن يضغط الزناد نظر إليه الثعلب نظرة جعلته يتجمد في مكانه , شعر كأن إنسانا هو الذي ينظر إليه, وقبل أن يفيق الفتى من تفكيره اختفى الثعلب في أحراش الغابة, لم تشعر الأرانب بشيء وظلت تلقي بنفسها في الجدول. ذهب الفتى ليرى جثث الثعالب فلم يجد لها أثرا, رجع إلى الصخرة وجلس مذهولا , ألقى البندقية تحت قدميه , فاختفت في الحال قبل أن تصل إلى الأرض , وقف وجسده يرتجف مما يحدث, تحرك إلى الجدول , دقق النظر في الأرانب فوجدها فتيات صغيرات بحجم الأرانب. كاد أن يسقط في الماء, تراجع إلى الوراء, والفتيات تجمعن حول قدميه يقبلنها, بعد ذلك قفزن في الماء وانسبن مع الجدول. كان العرق والخوف يغمران الفتى, فعاد جريا إلى الكوخ, وجد غادة الأحلام واقفة خلف النافذة, فاحتضنها. وقال: هل رأيت ما حدث؟ قالت : لقد أصبحن الآن في مأمن بعدما قتلت الثعالب.. أقصد الأوغاد.. قال: والذي هرب؟ قالت: لن يعود نظر الفتى في ركن الكوخ, فرأى البندقية التي كانت معه. قال: كيف عرفت؟ لم تجب غادة الأحلام واحتضنته, أزالت عنه الخوف والرعشة وهي تقول: لا تلق بالا. [/size]
السفينة في البئر..
ثمة دوامات هوائية تدور حول الكوخ كلما اكتمل وجه القمر في السماء, وقوة مغناطيسية هائلة تحاول أن تجذب الكوخ إليها, وغادة الأحلام في الكوخ تقص على الفتى حكايات من الزمن القديم. شعر الفتى وغادة الأحلام بالعفاريت وقد استيقظت من الحكايات, وانتشرت حول الكوخ, خرجا ليريا ما يحدث. كان القمر مكتملا والدوامات الهوائية تصفر في الخلاء, وقوة هائلة تحرك أقدامهما في اتجاه لم يسلكاه من قبل. وصلا إلى منطقة نائية عن كوخهما, نظرا تحت أقدامهما فوجدا بئرا عميقة جدرانها شديدة الانحدار , وفي قاعها نقطة ماء متلألئة. حدقا فيها, فشاهدا سفينة غارقة في داخلها, ووجوه تتطلع إلى أعلى, بدت البئر كأنها (مينة) ساعة ضخمة, عقرباها يخلطان الوجوه والأصوات كطاحونة هوائية, وأشرعة السفينة مازالت قائمة تقاوم قوة الجذب, انتزعت غادة الأحلام خصلة طويلة من شعرها, برمتها بين أصابعها, وهي تتمتم بصوت غير مفهوم فتحول الشعر إلى حبل طويل, أسقطت طرفه في البئر , ولفت طرفه الآخر حول جذع الفتى, وحين وصل طرف الحبل إلى قاع البئر, تعلق به أصحاب الوجوه جميعهم, صارت غادة الأحلام تجذب طرف الحبل والفتى يتحرك إلى الخلف بقوة, أخرجت غادة الأحلام الغارقين من البئر, وألقت طرف الحبل مرة أخرى فاشتبك بالأشرعة وصارا يجذبان السفينة حتى أخرجاها من البئر. بصقت غادة الأحلام في البئر فتهدمت جدرانها تماما وانغلقت. نقلت السفينة إلى الشاطئ بعدما استضافت الركاب في كوخها عدة ليال, وهم يشكرونها صعدوا إلى سفينتهم, وشوشت غادة الأحلام الموج كي يسير هادئا وهم يلوحون لها من بعيد , كان الفتى قد رجع إلى الكوخ وتمدد في فراشه, بعد فترة وضع يده على رأس غادة الأحلام يتحسس مكان الشعر, فوجد الخصلة في موضعها فابتسم ونام. فجأة , وبدون مقدمات مرضت غادة الأحلام , أصبحت شاردة لا تنظر إلى شيء, ولا تكلم الفتى الذي أعيته الحيل, ولم يستطع فعل شيء للتخفيف عنها , وبعد عدة أيام أخبرته أنها ليست مريضة ولم يقربها داء, لكنها رأت في نومها أهل السفينة وقد مرضوا, أصابهم فيروس لعين, صار يبتر أطرافهم, ولم يبق منهم أحدا إلا امرأة عجوزا, وأنها وحدها في السفينة يحركها الموج حيث يشاء. بقدر ما فرح الفتى بشفاء غادة الأحلام بقدر ما حزن على ما أخبرته به, وصار يفكر فيما يصنعه. أطلعته غادة الأحلام على مكان السفينة فقام من فوره, امتطى حصانه الأبيض وطار يسابق الريح, قطع أميالا عديدة من الرمال على طول الساحل , فبدت أشرعة السفينة من بعيد. من فرحته أرغم حصانه على النزول إلى البحر, فعام والفتى فوقه يجدف بقدميه, ويلوح بذراعه لمن بالسفينة حتى اقترب منها , شد لجام حصانه بقوة فقفز به إلى السفينة. كانت المرأة العجوز في ركن متكومة على ضعفها, والجثث حولها ممزقة بلا رحمة, رفع الفتى المرأة على حصانه وأشعل نارا في السفينة, وقفز على ظهر حصانه خلف المرأة, وطار فوق الماء حتى وصل إلى الشاطئ, وقف مراقبا السفينة وقد اضطرمت فيها النيران وتساقطت في الماء, عاد بالمرأة إلى غادة الأحلام فاستقبلتهما بفرح شديد. قصت المرأة على غادة الأحلام ما حدث للرجال والنساء والأطفال, وقالت إنها كانت تنظر لجسدها ويخيل إليها أنها تتمزق, فأغمضت عينيها ولم تفتحهما, حنى رأت الفتى أمامها, ضحكت غادة الأحلام وطلبت منها أن تفتح قبضة يدها, فوجدت بعض شعرات من شعر غادة الأحلام حول أصابعها, فهمت المرأة أنها نجت من المرض بفضل تلك الشعرات , فانقلبت على وجهها تقبل قدم غادة الأحلام التي انزعجت من تصرفها, فأوقفتها واحتضنتها, والفتى في الخارج يعد نفسه لسفر طويل.
أعد الفتى حصانه لرحلة طويلة كي يوصل المرأة العجوز حيث تشاء, قطعا آلاف الأميال حتى وصلا إلى شاطئ النهر, وجدا المراكب تتلألأ فوق الماء وتتهادى في رقة وطمأنينة, صعدت المرأة إلى المركب ولوحت للفتى بيديها علامة على أنها أصبحت في مأمن, وما هي إلا ليلة أو ليلتان وتصل إلى بلدها في جنوب النهر. غاب المركب في ذيل النهر, والفتى ينظر إليه وابتسامة مريحة تعلو وجهه, حول نظره إلى السماء فرأى النجمات ترقص والقمر ينام على وسائده في دعة وكسل , شاهد الفتى وجه غادة الأحلام في ضوء القمر يناديه, فركب حصانه وانطلق عائدا إليها من حيث أتى. كانت الصحراء ممتدة إلى ما لا نهاية, والفتى لم يرح حصانه لحظة واحدة, تعب الحصان من الجري, أراد أن يقف قليلا, لكن قدميه غارتا في الرمل, حاول الحصان أن يتراجع بكل قوته, ولكنه لم يقو على ذلك , صار الفتى يجدف بقدميه في الرمل المتحرك بلا فائدة, أخيرا ابتلعهما الرمل ولم يعودا يظهران. قلقت غادة الأحلام على الفتى, فجهزت طائرها الأبيض وأطلقته ليستعلم لها عما حدث للفتى, أخذ الطائر يجوب يمينا وشمالا, شرقا وغربا, عاد الطائر إلى غادة الأحلام ورأسه منكس ومدفون بين جناحيه, صعدت غادة الأحلام إلى بيتها , ورأت ما حدث للفتى قائما أمامها. حين غار الحصان بالفتى في الرمل , ظلا يهبطان ببطء حتى اصطدما بصخرة في باطن الأرض , دفعها الحصان بقدميه فتحركت, سمع الفتى صوت ماء في الجوار, فتحرك بالحصان إلى مصدر الصوت. كانت الممرات إلى الماء معتمة, لكن الفتى سار إليه بخاصية ارتداد الصوت, حتى عثر على الماء , نظر بعيدا فوجد السماء ظاهرة وثمة مركب قادم إليه, أخذ يقبل حصانه , ونزل به إلى الماء يستحمان ويزيلان عنهما الغبار والرمل العالقين برئتيهما. وصل إليهما المركب, كانت غادة الأحلام هي التي تحركه, وحين رأت الفتى قفزت إلى الماء, وصارت تعانقه وتحتضنه بقوة, أنست الفتى ما كان فيه, والحصان خلفهما يصهل ويرجف جسده بعنف, فينتفض الرزاز عليهما, فيضحكان ويرتجفان وهما يواريان جسديهما في الماء عن أعين الحصان.
الطائر يفجر عين الحوت..
حين تأخرت غادة الأحلام علم الطائر أنها لابد قد عرفت مكان الفتى, طار عاليا فوق الغابة يرصد الزهور التي تحبها ويجمعها وينسقها في زوايا الكوخ.. وبينما هو عائد بزهرة انقلبت الريح عليه, وصارت تقلبه على ظهره في الجو بصورة لم يعرفها من قبل , ففهم أن في الأمر شيئا خاصا بغادة الأحلام, انطلق في اتجاه الريح, وصل إلى البحر, كانت غادة الأحلام عائدة بمركبها ومعها الفتى وحصانه, لكن الموج كان عاليا يبطش بالسماء من بعيد, وكاد أن يقلب المركب عدة مرات , ورأى الطائر حوتا عملاقا يخرج مع الموج من آن لآخر وفي ظهوره يقترب من المركب فيرج الماء رجا عنيفا, خاف الطائر على المركب فاقترب من الحوت وأصبح يشاغله كلما خرج إلى سطح الماء. برزت في رأس الطائر حيلة فأخذ ينقر بمنقاره في عين الحوت فيهرب ويغطس في الماء, صلب الطائر جسده وانقض بمنقاره كرمح على عين الحوت, ففجرها, جن الحوت فضرب الماء بقوة ولدت موجة هائلة, حملت المركب إلى الشاطئ , وكان الناس على الشاطئ يشاهدون المعركة, استقبلوا غادة الأحلام والفتى بترحاب شديد, وانتظروا عودة الطائر الذي ظل يتحايل على الحوت, حتى فقأ عينه الأخرى, فأصبح الحوت متهورا لا يشعر بجسده الثقيل, فاندفع إلى الشاطئ , وبسرعة اجتمع حوله الرجال, وجروه بعيدا عن الماء , في لحظات كانت بيوت الناس ممتلئة بأكوام من اللحم يكفيهم شهورا طويلة, صاروا يجهزونه ويحفظونه بطرق شتى. في الليل اجتمعوا حول الفتى وغادة الأحلام والطائر في يدها , والحكايات أصبحت وقودا للنار المشتعلة بجانب الشاطئ والطائر مستكين تحت أصابع غادة الأحلام , اكتمل القمر وأصبح الليل على وشك الانتهاء , قامت غادة الأحلام , وأيقظت الفتى, جهزت حصانه للعودة إلى الكوخ وأهل الساحل جميعا مشوا خلفهما كي يوصلوهما إلى حيث أرادا. سبقهما الطائر لينسق زهور الكوخ, وهما عائدان شما رائحة الزهور تداعب أنفيهما , دخلا كوخهما, أخذا نفسا عميقا من زهورهما , جريا وراء بعضهما, وكل منهما ينفلت من الآخر, لعبا في حبهما ألعابا مجنونة, والطائر خارج النافذة يستمتع بهما, تركهما وذهب إلى الغابة, وعيناه تفتشان في أعشاش الطيور عن طائر يشبهه ويبادله الحب.
كائنات الكهف..
[size=16] أغرقت الألوان الفتى بتمازجها, والخيالات التي تخرج منها تقفز في الظلام بأجسامها الخرافية, وخفة انتقالها من كائن إلى كائن آخر لم يشاهده الفتى من قبل. حيوانات وأناس وعفاريت.. كل ذلك أحاط بالفتى, وصار الظلام حالكا والجو باردا ووجه طفولي من بعيد يخرج الفتى من إرهاصات تخنقه, كان الفتى سائرا في درب معتم والحوائط من حوله لدنة تتقعر وتتحدب تحت ملمس أصابعه, أراد أن يصل إلى نهاية الدرب, وجد كهفا وبداخله الكائنات التي رآها من قبل محيطة به, تتهامس فيما بينها بلغة لم يفهمها, وضفدع كبير يحرس صندوقا أبيض تخرج منه ألوان الطيف. اختبأ الفتى حتى تبخرت الكائنات , بعد ذلك انسل خفية, شاغل الضفدع مرارا, أراد أن يخرجه من مكانه, لكنه بدا مسمرا في مكانه, تحير الفتى وحاول أن يفعل شيئا حياله, نظر إلى سقف الكهف, رأى الوجه الطفولي يبتسم له , قفز الضفدع على الفتى حين رآه غير منتبه له. أمسكه من ذراعيه وثبته في الحائط من كتفيه. أتت الكائنات على صوت الضفدع الذي أخذ ينق نقيقا عاليا, أمسكوا بالفتى وكتفوه, وضعوه في فتحة أسفل الكهف وغطوه بشبكة من الحديد. نظر الفتى عاليا فوجد الوجه مازال يبتسم له, ظن أنه رسم أو شرك للإيقاع بمن يأتي إلى الكهف وصار يتأمله. كان الوجه ينقبض وينبسط محاولا أن يتخلص من السقف. اندهش الفتى مما رآه ولم يغلق عينيه عنه. انتفض الوجه وتخلص من السقف, ونزل إلى الضفدع وسحبه إلى خارج الكهف. تعجب الفتى من سكون الضفدع وانقياده هكذا بسهولة وتركه للصندوق الذي يحرسه. عاد الوجه الطفولي , وألقى للفتى سكينا ملطخا بالدماء. انزعج الفتى وفهم أن الوجه الطفولي قد ذبح الضفدع الكبير , دار الوجه على أقفال الشبكة الحديدية وفتحها, أخرج الفتى من سجنه, واختفى قبل أن يحدثه بكلمة واحدة. سمع الفتى أصوات الكائنات آتية إلى الكهف, بسرعة نزل الفتى إلى الحفرة وسحب الشبكة الحديدية عليه كما كانت , وتظاهر بالنوم, دخلت الكائنات إلى الكهف, بحثت عن الضفدع فلم تجده , تملكها الغضب وصارت تتوعد الضفدع بالهلاك, بدت وكأنها قد نسيت الفتى. اندمجت في الأكل والشرب, ثم وضعت ما معها في الصندوق الأبيض ونامت, وأصوات شخيرها تهز الكهف, وضع الفتى السكين في ملابسه, وأزاح الشبكة الحديدية ببطء, خرج من الحفرة, فتح الصندوق فوجده ممتلئا باللؤلؤ والألماس, حمل الفتى الصندوق فوق كتفه, وخرج من الكهف, وجد حصانه في الخارج ينتظره, وضع على ظهره الصندوق وعاد إلى الكهف, حمل الشبكة الحديدية معه وثبتها على مدخل الكهف. ركب الفتى حصانه وانطلق إلى الكوخ, وجد غادة الأحلام نائمة, فدخل بهدوء حتى لا يزعجها, وضع الصندوق في ركن الكوخ وتمدد بجانب غادة الأحلام. وعيناه تنظران للسقف انتبه إلى غادة الأحلام , وأخذ يتفرس ملامح وجهها, فبدت منطبقة تماما مع ملامح الوجه الذي رآه في الكهف, أيقظ غادة الأحلام وقبل أن يسألها عن شيء قالت: - هل أحضرت اللؤلؤ؟ فقام من فوره وسحب الصندوق إليها وفتحه, قالت: - هذا لؤلؤي وقد سرقه اللصوص من زمن. كان النوم مازال مسيطرا على غادة الأحلام, فأراحت رأسها على الوسادة , وقبل أن تغط في نومها قالت للفتى: - قم الآن وانظر من النافذة. رأى الفتى الضفدع الكبير مربوطا في جذع شجرة خلف الكوخ, صاح قائلا: - إذن لم تقتليه. قالت: - اهدأ الآن وسوف أخبرك بالأمر في الصباح.. المهم اذهب إليه الآن وفك وثاقه واتركه يرحل.. ولا تنس أن تعطيه مفاتيح أقفال الشبكة الحديدية وزوده بطعام وافر. نامت غادة الأحلام وتركت الصندوق إلى جانبها, وخرج الفتى إلى الضفدع الكبير , في الصباح دخلت الشمس إلى غادة الأحلام فأيقظتها, نظرت إلى الفتى وجدت نومه هادئا والألوان تنسحب وإرهاصات النوم تتبخر بعيدا عنه وتختفي في ضوء الشمس. | |
|