_ليس كل صحيح مرغوب دائماً
كان عدد من الأطفال
يلعبون بجوار خطين لسكة القطار أحدهما سليم والآخر معطل. وبينما اختار طفل
واحد أن يلعب بجوار سكة الحديد الملغاة اختار الباقون من سكة القطار
السالكة ملعباً لهم.
نريدك أن تتخيل القطار مقبلاً و أنت تقف على مفترق
السكتين، وعليك أن تقرر هل تترك القطار على سكته السالكة فيقتل المجموعة
الكبيرة من الأطفال أم تغير مساره ليسلك الطريق المغلق مغامراً بحياة الطفل
الوحيد الذي يلعب على الخط المعطل ؟
دعنا نتوقف لبرهة لنفكر في القرار الذي سنتخذه. ثم نحلل الموقف بدقة قبل أن نتخذ القرار النهائي.
يعتقد
معظم الناس أن قرار تغيير مسار القطار يعني التضحية بطفل واحد فقط. إذ
يعتبر إنقاذ عدد من الأطفال على حساب طفل واحد قراراً حكيماً من الناحيتين
المنطقية والعاطفية على حد سواء ! ولكن هل تبادر لأذهاننا أن الطفل الذي
اختار اللعب على الخط الملغى اتخذ قراراً سليماً ومكاناً آمناً ؟! ومع ذلك
فإننا نضحي به بسبب حماقة أصدقائه الذين اختاروا اللعب في وجه الخطر.
يحدث
هذا النوع من الأزمات يومياً في حياتنا العملية والاجتماعية على حد سواء.
فنحن دائماً نضحي بالأقلية لمصلحة الأغلبية مهما كانت درجة جهل أوحماقة تلك
الأغلبية، ومهما كانت درجة علم وحنكة الأقلية. إذا اعتبرنا الطفل الوحيد
أقلية فمن المحتمل ألا تثير التضحية به شفقتنا، وألا نذرف عليه الدموع.
يقتضي المنطق والحق والعدل ألا نغير مسار القطار لأن الأطفال الذين اختاروا
المسار السالك ملعباً لهم لم ينتبهوا إلى ذلك، وأنه يمكنهم أن يلوذوا
بالفرار عند سماع صفارة القطار.
إذا قررنا تحويل القطار إلى المسار
المعطل فسوف يموت ذاك الطفل بالتأكيد، لأنه لن يخطر بباله أن القطار سيتخذ
ذلك المسار. والاحتمال الأرجح أنه تم تغيير المسار إلى السكة الجديدة بسبب
عدم صلاحية الخط القديم.
هناك نتيجة أخرى محتملة لانحراف القطار عن مساره السالك وهي تعريض حياة المئات من الركاب للخطر بتحويل القطار إلى خط مهجور و ملغى.
وهذه
هي العبرة ففي حين تمتلئ حياتنا بالقرارات الصعبة التي علينا اتخاذها، لا
بد وأن ندرك أن القرارات السريعة ليست دائماً قرارات صحيحة.