رفعت المعارضة البحرينية سقف مطالبها وأعلنت عن مطالب جديدة، بعد استجابة
الملك لمطلبها الأول المتمثل في سحب قوات الجيش من المدينة، وبالخصوص من
الشوارع ومن دوار اللؤلؤة وسط العاصمة المنامة.
بدأ ولي عهد البحرين،
الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، سلسلة من اللقاءات مع الفعاليات السياسية
والدينية والاقتصادية، وذلك ضمن مبادرة عاهل البحرين في البدء بحوار
لمناقشة مطالب المعارضة.
لكن قوى المعارضة البحرينية بدت متمسكة
بموقفها، ونفى الأمين العام لجبهة الوفاق المعارضة، علي سلمان، حسب تصريحه
الذي نقلته ''الجزيرة'' القطرية، أن يكون هذا الحوار قد بدأ، مشترطا
استقالة الحكومة قبل الشروع في ذلك. وقال إن المعارضة ''لا ترفض الحوار
وإنما تطالب بالأرضية الصالحة للحوار، سيما منها ضمان استقالة الحكومة''.
وقال عبد الجليل خليل إبراهيم، رئيس الكتلة البرلمانية لجمعية الوفاق
الشيعية، في تصريح صحفي، ''إن بدء حوار سياسي مع السلطة مرتبط باستقالة
الحكومة المسؤولة عن القمع الدموي لحركة الاحتجاج الشعبية''. كما تطالب
المعارضة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والشروع في محادثات ترتبط بوضع
مشروع دستور جديد للمملكة. وحسب ما نسب إلى قيادة المعارضة، فإن هذه
المطالب ستقدم في وقت لاحق إلى الحكومة.
وقررت سبعة أحزاب سياسية من
المعارضة تنظيم مسيرة يتوقع أن يشارك فيها مائة ألف متظاهر، في سياق محاولة
صنع ضغوط متواصلة وابتزاز سياسي تمارسه المعارضة على السلطة الحاكمة التي
استجابت لمطلب سحب الجيش من دوار اللؤلؤة الذي أرادت المعارضة تحويله إلى
ميدان تحرير.
وحسب المراقبين، فإن تراجع السلطات البحرينية أمام
المعارضة سيتواصل. ووفقا لهذا الاعتقاد، فالمنتظر، حسب هؤلاء المراقبين، هو
أن ينسحب رئيس الحكومة الحالي والذي هو واحد من العائلة الحاكمة، ويحل
محله، ولو بصفة مؤقتة، ولي عهد البحرين، سلمان بن حمد آل خليفة الذي يقيمه
متتبعو الشأن البحريني والخليجي عموما على أنه إصلاحي، وله استعدادات
للذهاب بعيدا في مسايرة مطالب المعارضة وقبول معظم مطالبها، بما في ذلك
المطالب التي تضعف دور السلطة المركزية ممثلة في الملك، دون أن تهدد النظام
الملكي.
لكن ما يقلق السلطة في مملكة البحرين ودول الخليج العربي
عموما، هو أن الطابع الشيعي للمعارضة وامتدادات علاقاتها الخارجية، خاصة مع
إيران، قد تذهب بعيدا، خاصة في ظروف المرحلة الحالية التي تراجع فيها دور
السنّة في المنطقة، خاصة بعد سقوط صدام حسين واحتلال أمريكا للعراق. وهو
الأمر الذي مكن الشيعة، وإيران على وجه الخصوص، من وضع يدهم على العراق،
بعد أن تواجد العراقيون الموالون لطهران على رأس الحكم في بغداد.
وفي ظل
هذه الأجواء، تحدثت وكالات الأنباء عن اتصال هاتفي أجراه مستشار الأمن
القومي للرئيس أوباما، توم دونيلون، مع ولي عهد البحرين، حثه فيه على ضبط
النفس ودعاه إلى مزيد من مبادرات الحوار. وقد جاء هذا الاتصال بعد ساعات من
اتصال هاتفي مماثل أجراه الرئيس باراك أوباما مع ملك البحرين الشيخ حمد بن
عيسى آل خليفة، أدان فيه استخدام العنف ضد المتظاهرين، وهو ما يعني وجود
ضغط مماثل على سلطة البحرين.
وتشهد البحرين، منذ الإثنين الماضي،
احتجاجات شعبية في مناطق مختلفة بها، للمطالبة بإصلاحات سياسية ومعيشية،
وإطلاق سراح المساجين، وهو ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وانتشرت قوات
عسكرية، على إثـر ذلك، لفرض الأمن والنظام في البلاد، قبل أن يأمر ولي
العهد نائب القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين، أمس، بسحب جميع القوات
العسكرية من الشوارع فورا.